السبت, أغسطس 9, 2025
بث ...تجريبي
الرئيسيةاخبار مصرالمتحف المصري الكبير: بوابة المجد الخالد بين الماضي والمستقبل

المتحف المصري الكبير: بوابة المجد الخالد بين الماضي والمستقبل

من قلب "منف" التاريخية، العاصمة المصرية الأولى منذ أكثر من خمسة آلاف عام، وتحديدًا أمام هرم الملك خوفو – المعجزة الوحيدة المتبقية من عجائب الدنيا القديمة – تتلألأ بقعة ضوء جديدة في سماء الإنسانية. هنا، على هذه الأرض التي طالما أضاءت طريق الحضارة، يشق أحفاد الفراعنة طريقهم لصناعة مجدٍ ثقافي جديد، حيث تتسابق السواعد المصرية لإنجاز أعظم صرح ثقافي في القرن الحادي والعشرين، وأكبر متحف في تاريخ البشرية: المتحف المصري الكبير. يمثل هذا المتحف الضخم تتويجًا لحلم بدأ في وجدان فنان مبدع، وآمن به وزير شغوف بالوطن، وتبنّاه قائد مقاتل، يحمل مصر على جبينه، تحت إشراف نخبة من المهندسين المعماريين من حماة الوطن، خاضوا معركة البناء والتطوير بكل عزم وإصرار، لتحويل هذه البقعة الفريدة إلى "مثلث ذهبي" يربط بين الماضي المجيد والحاضر المتألق والمستقبل الواعد. فصار المتحف المصري الكبير مع هضبة الأهرامات ليس فقط أعظم متحف على وجه الأرض، بل هدية مصر للعالم والتاريخ. أهمية المتحف المصري الكبير وأهدافه تم إنشاء المتحف لخدمة أهداف متعددة تتجاوز فكرة العرض الأثري إلى كونه مركزًا عالميًا للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي، وتحفيز السياحة والتعليم والابتكار. أهداف المتحف تشمل: • عرض مقتنيات أثرية باستخدام أحدث تقنيات العرض المتحفي. • توثيق رقمي شامل للقطع الأثرية، مع حفظها وتأمينها وصيانتها وترميمها. • تنظيم معارض دائمة ومؤقتة داخل مصر. • عقد المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية والعلمية. • التوعية المجتمعية، وخاصة لدى النشء، بتاريخ وحضارة مصر. • إحياء الفنون والحرف التراثية، عبر صناعة وبيع المستنسخات الأثرية. ويقع المتحف في قلب منطقة الأهرامات، ما يتيح فرصة دمج السياحة الثقافية بالتاريخية، ويساهم في تطوير بنية سياحية متكاملة تشمل الفنادق والعقارات الفاخرة المطلة على الآثار. شعار المتحف: تصميم يروي القصة تم اختيار شعار المتحف عبر لجنة تحكيم مصرية، وصممه الفنان اللبناني الهولندي طارق العتريسي، ويكشف الشعار عن تصميم أفقي يعكس شكل المتحف المفتوح على الأهرامات، بلون برتقالي مستوحى من وهج الشمس على الهضبة وقت المغيب، وخط عربي انسيابي يحاكي تلال الرمال المحيطة، ما يجسد العلاقة الحميمة بين التصميم والبيئة. التصميم المعماري: تلاقي الشمس والأهرامات: فاز مكتب هينغهان بنغ المعماري من إيرلندا بمسابقة عالمية برعاية اليونسكو لتصميم المتحف، اعتمد التصميم على فكرة انبعاث أشعة الشمس من قمم الأهرامات الثلاثة لتلتقي في نقطة تُجسد المتحف، الذي يبدو من الأعلى وكأنه "الهرم الرابع"، تحفة معمارية مذهلة تخطف الأنفاس في وضح النهار، وتزداد سحرًا مع الإضاءة الليلية المدروسة بعناية. الموقع والمساحة: قلب الحضارة النابض يقع المتحف على مساحة 117 فدانًا، على بعد 2 كم فقط من أهرامات الجيزة و15 كم من وسط القاهرة، ليربط الماضي بالحاضر، يمكن للزائر مشاهدة الأهرامات من البهو الزجاجي المهيب للمتحف، والتقاط صور مبهرة أثناء استكشاف كنوز توت عنخ آمون. ويمتد المشروع ليشمل: • مطار سفنكس القريب (6-7 كم). • مشروع التليفريك بعشر محطات. • شبكة مترو حديثة. • أكبر ممشى سياحي في العالم بطول 12 كم على طريق الفيوم. • تبلغ المساحة الإجمالية للمتحف بعد دمج هضبة الأهرامات ونادي الرماية حوالي 3750 فدانًا، في تخطيط عمراني فريد. فكرة المشروع: انبثقت فكرة المتحف في التسعينيات على يد الفنان والوزير فاروق حسني، الذي حلم بصرح يجمع بين المتحف المكشوف والمتحف المغلق، مشروع لا يضم فقط الآثار، بل يدمجها بالمكان الذي خرجت منه. وفي عام 1998، تم اتخاذ القرار ببدء التنفيذ، ثم أضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2016 بعدًا تنمويًا جديدًا، ليكون المشروع ليس فقط صرحًا أثريًا، بل حجر زاوية في التحول السياحي والعمراني في مصر. المتحف: استثمار في الحضارة والمستقبل يحتضن المتحف ما يقرب من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور، تُعرض بتقنيات الواقع الافتراضي وربط الزائر بالأثر في سياقه الزمني والمكاني الأصلي. كما سيضم متاحف نوعية ومراكز بحثية ووثائق علمية نادرة، ليكون بوابة حضارية للعالم، وشاهدًا خالدًا على أن مصر جاءت.. ثم جاء التاريخ. داخل قلب المتحف.. 18 قاعة ومساحة تتنفس التاريخ يضم المتحف 3 قاعات رئيسية كبرى، تحوى بداخلها 12 قاعة داخلية، أُعدت بعناية لتأخذ الزائر فى رحلة تبدأ من فجر الحضارة حتى غروب الإمبراطوريات. وإلى جانب هذه القاعات، هناك قاعتان مخصصتان بالكامل لكنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون، تعرض للمرة الأولى كاملة أمام العالم، على مساحة 7000 متر مربع، وسط تصميم تقنى يليق برمز الفرعون الشاب. الدرج العظيم يرها الزوار في أي مكان في العالم هو "الدرج العظيم"، الذى تم فتحه مؤخرًا للزيارة قبل الافتتاح الرسمي، فيُعد تحفة فنية وروحية متفردة، لا تماثلها أى قطعة معمارية معاصرة. فوق هذا الدرج، تصطف تماثيل الملوك كأنها فى محفل مهيب، هو أكثر من مجرد مدخل، بل هو معرض بحد ذاته، يحكى أربع قصص كبرى من تاريخ المصريين القدماء.. الملكية: تماثيل مهيبة لرمسيس ومرنبتاح وحتشبسوت وسونسرت، تُمثل السلطة والنسب المقدس. العبادة: بوابات وأعمدة من معابد شيدها الملوك تقربًا للآلهة. الملك: مشاهد نادرة تُجسّد العلاقة المعقدة بين الحاكم والمقدس. الحياة الأخرى: توابيت حجرية وجثامين محنطة تفتح أبواب التأمل فى ما بعد الموت. توت عنخ آمون الحجرة التي لم تفتح من قبل للمرة الأولى، ستعرض مجموعة الملك توت عنخ آمون كاملة، والتى ظل العالم يراها على مدار قرن متناثرة أو ناقصة، والآن، ستجتمع القطع فى مكان واحد، وفى قصة واحدة، وفى تصميم يدمج بين الأصالة والتقنيات الحديثة، ليحكى أعظم اكتشاف أثرى فى العصر الحديث. الافتتاح العالمي للمتحف المصري الكبير: احتفاء برؤية مصر الحديثة في 3 يوليو 2025، يشهد العالم لحظة تاريخية طال انتظارها: افتتاح المتحف المصري الكبير في احتفالية عالمية كبرى تنظمها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بمشاركة عدد من رؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية، و يُتوقع أن يكون الحدث بمثابة استعادة لهيبة الموكب الذهبي للمومياوات الملكية، مع لمسة عصرية تعكس طموحات الجمهورية الجديدة، التي تسعى لتقديم مصر بحلتها الحديثة، دون أن تنفصل عن جذورها الممتدة في عمق التاريخ. والمثير في الأمر أن هذا الحدث الضخم لن يُحمِّل الدولة أي أعباء مالية، إذ يتم تمويله بالكامل عبر رعاة وشركاء محليين ودوليين، ما يعزز من قيمته الترويجية لمصر على الساحة السياحية العالمية. وعن التصميم العبقري للمتحف، يؤكد المهندس عبد الحميد البحباح، خبير التصميم الداخلي للمتحف، أن المعمار مستوحى من روح المعابد المصرية القديمة، لا سيما في فلسفة الانتقال التدريجي "من الضوء إلى الظل"، وهو ما يُهيئ الزائر نفسيًا وثقافيًا للدخول في أجواء المتحف الغنية. كما تم تصميم البهو العظيم ليتكامل مع الطبيعة الصحراوية ويستوعب تغيرات الطقس مثل الأمطار، في انسجام تام بين الجمال والوظيفة. وعن الافتتاح وما يشهده الموسم الصيفي هذا العام، يرى الدكتور وليد البطوطي، مستشار وزير السياحة الأسبق، أن افتتاح المتحف سيمثل نقطة تحول رئيسية في الموسم السياحي الصيفي. وتوقع أن تشهد الفنادق المصرية نسبة إشغال قياسية بعد 3 يوليو، مشيرًا إلى أن المتحف سيلعب دورًا كبيرًا في جذب المزيد من الاستثمارات في قطاعات الفنادق والمطاعم والخدمات السياحية. فالمتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى أثري؛ إنه بيان حضاري للعالم بأن مصر قادرة على حفظ تراثها وصياغة مستقبلها. واحد من أضخم المشروعات الثقافية في العالم، يُتوقع أن يُعيد رسم ملامح السياحة والثقافة في مصر لعقود قادمة، جامعًا بين عبق التاريخ وإشراقات الحاضر، ليكون شاهدًا على أن الحضارة المصرية لا تزال حيّة تُبهر وتلهم
كتب بقلم
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

احدث التعليقات

الأكثر قراءة